الغيرة في الحب- نكهة أم نار تحرق العلاقات؟

المؤلف: ريهام زامكه09.23.2025
الغيرة في الحب- نكهة أم نار تحرق العلاقات؟

تغنى أحد المتيمين بحبيبته قائلاً:

«أغارُ عليها من الوجودِ فليتني، فُنيت وما كان الوجودُ ليعرفها

‏أو ليتهم قد صُنعوا بلا مُقل، فلا يرون سناها البهيَّ الفاتنا

‏فإن لم يروها، فصوتُها يَأسر الألباب، ‏فيا ليتهم خُلقوا بلا آذانِ».

لا شك أن قليلًا من الغيرة يضفي على معاني الحب رونقًا فريدًا، فهي تلك المشاعر التي تحيل المحب المسالم إلى أسد هصور، والمرأة الرزينة إلى محققة بارعة.

وأشدد القول؛ الغيرة المعتدلة المنطقية -إن وجدت فعلًا- هي كبهار حريف، قليلها يمنح مذاقًا لذيذًا، وكثيرها يحرق الفؤاد ويُفني العُلاقة.

سامحوني لربطي الغيرة بالتوابل والبهارات، فربما لأنني أخط هذه السطور وأنا تواقة لوجبة الغداء، بصراحة ومن دون خجلٍ.

ولعل الشيء بالشيء يذكر؛ فالحكمة الشائعة تقول: إن القليل من الغيرة كالملح في الطعام، لكني آثرت تشبيهها بالفلفل؛ لكونها ذات حرارة تشتعل في قلب صاحبها وتجعله متوهجًا.

ولكوني اليوم ذات نزعة رومانسية على غير العادة، أفردت مقالي عن الغيرة في الحب وما تجلبه من مصائب قد تفقد معها المرأة رشدها واتزانها، وتدفع الرجل العاشق للتصرف بحماقة أو جنون.

استحضرت موقفًا جرى لصديقة لي، ولن أصفها بالحمقاء أو المجنونة فهي بالفعل كذلك.

وبالمناسبة؛ لست باغتابها أبدًا، فهي تواظب على قراءة مقالاتي وتعرف ذاتها جيدًا.

هذه الفتاة كانت مخطوبة لرجل كريم، جمعهما الحب وفرقتهما الغيرة، وبالرغم من شدة حبها له، إلا أن علاقتهما وصلت إلى طريق مسدود بسبب الغيرة المفرطة غير المبررة!

فانفصلا عن بعضهما في هدوء ورقي، لكنها بعد مضي فترة قررت أن تذهب إليه لتصفية الحسابات، لكنه لم يجبها، وبما أنها تجسيد حيّ لنظرية داروين، ذهب بها الظن إلى أنه يخونها وقد سبقتها امرأة أخرى إليه.

فما كان منها إلا أن نزلت إلى مرآب السيارات، وبحثت عن سيارته الرياضية الجديدة وثقبت إطارات السيارة الأربعة، ولم تكتفِ بهذا التصرف الأهوج، بل حطمت زجاج السيارة الأمامي بمعاونة سائقها، انتقامًا لوجع قلبها!

وبمرور الوقت، تأكدت لاحقًا أن الرجل المسكين كان وحيدًا كبئر مهجورة في تلك الليلة الموحشة، ولم يكن برفقته سويّ أطيافه، لكنه فضل الانفراد والتأمل في حياته التعيسة مع امرأة غيورة تظن أن التخريب هو لونًا من ألوان التعبير عن الحب.

يُقال: «في الحب والحرب، كل شيء مباح»، ومن هذا المنطلق اسمحي لي يا سيدتي أن أقدم لكِ عددًا من النصائح القيّمة التي ستفيدك في علاقتك مع الرجل.

أولاً: امنحيه مساحة من الحرية، لكن تتبعي خطواته عن بعد بأحدث التقنيات، فالثقة ضرورية ولكن اطمئنانك أهم.

وكُوني معه في كل لحظة وفي كل مكان، بل وحتى في أحلامه، ولكن تعلمي متى تتقربي ومتى تبتعدي قليلاً، حتى يستطيع أن يتنفس نسيم الحرية. وحينما يتنفس، ذكريه بأن رئتيه اللتان يتنفس بهما هما أيضًا ملكاً لكِ.

إياكِ أن تخنقيه، بل اجعليه يتأكد من أن الهواء الذي يستنشقه مرهون بموافقتك ورضاكِ.

وباختصار؛ تعلمي متى ترخين الحبل ومتى تشدينه، حتى لا يلتف حول عنق العلاقة، فيخنقها ويقتلها.

وفي جميع الأحوال، لا تدعيه يشعر بأنه طليق أكثر من اللازم.

أسأل الله أن يوفقني لفعل الخير دائمًا.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة